وتشكل الدراما التلفزيونية حيزاً كبيراً من انشغالات الجمهور في شهر رمضان، إلى الحد الذي جعل متظاهري الجمعة الأخيرة يكتبون لافتة تقول "تابعونا بشكل حصري في شهر رمضان في مسلسل الشعب يريد إسقاط النظام"، والعبارة بقدر ما تعلن تصميم المحتجين على التظاهر اليومي، فهي تضمر إحجامهم عن مسلسلات رمضان التلفزيونية.وسواء جاء الأمر استجابة لمطالب المحتجين، أو مراعاة لمزاجهم، فهم في النهاية جمهور التلفزيون، فلقد تأثر إنتاج وتسويق الدراما التلفزيونية السورية بشكل كبير بسبب الأزمة السياسية. ويؤكد المنتج صلاح طعمة أن إنتاج الأعمال التلفزيونية أقل من العام الفائت: "هناك ثلاثة أعمال توقفت بسبب الأزمة، من بينها مسلسل رابعة العدوية، وأبو جانتي في جزئه الثاني".ويحصي طعمة 28 مسلسلاً لهذا العام، فيما شهد العامان الفائتان إنتاج 32 عملاً في العام، بينما شهد العام 2008 ذروة الإنتاج التلفزيوني الذي وصل إلى 46 عملا
وحول صعوبات التسويق يقول طعمة: "لقد سوق معظم الأعمال ولكن بأسعار أقل بكثير من المعتاد"، محيلا ذلك إلى ""غياب الرعاية ووجود الاضطرابات والثورات، كما في ليبيا ومصر، حيث رجال الأعمال، مالكو المحطات التلفزيونية هم إما سجناء أو هاربون".ولدى سؤاله إن كانت العلاقات السياسية المحتدمة مع دولة مثل قطر قد أثر على التسويق أجاب طعمة: "هناك أعمال سورية من إنتاج قطري، ولأنها كذلك فلم تتأثر".واعتبر الناقد الفني ماهر منصور أن "أجواء التسويق لهذا العام شبيهة بأجواء 2005"، في إشارة إلى العزلة السياسية التي عانتها سوريا عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.. وأكد منصور أن "المحطات أخذت فقط الأعمال التي ساهمت أصلا في إنتاجها".واشار منصور إلى الأجواء التي سادت في بداية العام في سوريا "التي كانت تعد نفسها لتكون بديلا عن غياب الإنتاج المصري بسبب الثورة المصرية، والاستجابة والوعود الكبيرة لقبول عربي بالبديل السوري، الذي تحول فجأة إلى إهمال بعد ما حدث في سوريا
وأشار منصور إلى "دعم قنوات لبنانية لسوريا بشراء بعض الأعمال، حيث يعرض تلفزيون الجديد أربعة أعمال سورية وأو تي في عملين هما جلسات نسائية وملوك الطوائف، فيما يعرض تلفزيون المنار مسلسلي رجال العز وظل الحكاية، ويعرض تلفزيون إم تي في مسلسل طالع الفضة...".وفيما إذا كانت مواقف الفنانين من الاحتجاجات في بلادهم قد أثرت على تسويق أعمالهم، قال أحد العاملين في إنتاج وتسويق الدراما "ليس واضحا بعد، ولكن يمكن التأكيد أن الممثلة سلاف فواخرجي لم تعد وجها تلفزيونيا مقبولا بسبب دعوتها إلى عدم التعاون والتخلي عن شركات الإنتاج التلفزيوني الخليجية
في مصر ظهرت "القوائم السوداء" خلال ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني وهي قوائم وضعها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وتضم أسماء الفنانين الذين اتخذوا موقفا مناهضا للثورة وداعما للرئيس المصري السابق حسنى مبارك.ومع اقتراب موعد شهر رمضان المبارك، أصبح مستقبل نجوم "القوائم السوداء" على المحك، حيث نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن مجموعة من النقاد والصحافيين أن الوضع في التلفزيون يختلف عن السينما لأن الجمهور هو الذي يذهب إلى السينما ويدفع ثمن التذكرة وذلك بعكس مسلسلات التلفزيون التي تأتي إلى المنزل
أول مسلسلات نجوم ما يعرف بـ'القوائم السوداء" هو مسلسل 'آدم' الذي يقوم ببطولته المطرب تامر حسني، حيث تعرض المسلسل لحملات مقاطعة عديدة على فيسبوك أبرزها حملة 'احنا اللي هنقعد تامر حسنى في البيت'، وذلك لسببين الأول هو اشتراك شركة 'عرب سكرين' في إنتاج المسلسل والتي يمتلكها رجل الأعمال أشرف الشريف نجل صفوت الشريف الأمين العام السابق للحزب الوطني المنحل والمسجون حاليا على ذمة قضايا فساد وقتل المتظاهرين.أما السبب الثاني فهو موقف تامر المعادي من ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، حيث كان قد أعلن أن الرئيس السابق مبارك مثل والده وأن بقاءه في الحكم لمدة 30 سنة هي "إرادة إلهية"، وفق تعبيره
ولم يختلف حال الفنانة غادة عبد الرازق والتي تقوم ببطولة مسلسل "سمارة" حيث دشن العديد من شباب فيسبوك حملات لمقاطعة جميع أعمالها وذلك بسبب موقفها المعادي من الثورة والتي وصفتها بالمهزلة، إضافة إلى خروجها في مظاهرات تأييد للرئيس السابق مبارك وكان شعارها في هذه المظاهرات "أنا أبيع الدنيا كلها علشان خاطر بابا مبارك".ومسلسل "سماره" مأخوذ عن الفيلم الشهير الذي يحمل نفس الاسم والذي قامت ببطولته تحيه كاريوكا في فترة الخمسينات من القرن الماضي وتدور قصته حول تجارة المخدرات والعصابات من خلال سمارة بنت الحارة والمنطقة الشعبية التي تتيح لضابط شرطة بإدارة مكافحة المخدرات أن يدخل في عصابة تهريب المخدرات متخفيا في هيئة مجرم
أما مسلسل 'مسألة كرامة' الذي يقوم ببطولته حسن يوسف فقد واجه حملات عنيفة لمقاطعته بسبب اشتراك نجمين من نجوم "القوائم السوداء" في بطولته هما حسن يوسف وعفاف شعيب فالأول انتقد الثورة بشدة وشكك في وطنية المتظاهرين لدرجة أنه وصفهم بـ'الرعاع والجبناء والعملاء'، وقال "لو أرسلناهم للحرب مع إسرائيل لفروا هاربين إلى بيوتهم".وكانت الفنانة عفاف شعيب والتي تشارك حسن يوسف في بطولة المسلسل قد أعربت استيائها من الثورة لأن أبناء شقيقتها لم يستطيعوا شراء 'بيتزا' و'لحم الريش' وطالبت الثوار بالعودة إلى منازلهم والتنازل عن مطالبهم
وقد تعرض مسلسل 'لحظة ميلاد' الذي تقوم ببطولته صابرين لحملات مقاطعة بسبب موقف صابرين من الثورة في بدايتها حيث استنكرت الأصوات التي تنادي بالتنحي الفوري للرئيس السابق، معتبرة أن ذلك بمثابة إهانة له ولمصر كلها.لكن في النهاية تبقى الكلمة الخير للمشاهدين الذين سيقررون إما متابعة مسلسلات نجوم "القوائم السوداء" ورفع أجور أبطالها أو مقاطعتها وإنهاء